القروض المصرفية للقطاع الخاص ترتفع 8 مليارات في 8 أشهر.. والودائع تنمو 53 مليارا

القروض المصرفية للقطاع الخاص ترتفع 8 مليارات في 8 أشهر.. والودائع تنمو 53 مليارا

«الاقتصادية» من الرياض
أكد تقرير اقتصادي أعدته «جدوى للاستثمار» أن تحسن الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار النفط وسياسة التحفيز التي تنتهجها الحكومة وفرت ظروفاً جيدة للاقتصاد السعودي، لكن القطاع الخاص لم يغتنم تلك الفرص بالكامل بسبب ضعف القروض المصرفية وانعدام الثقة الذي هو أحوج ما يكون إليها.
ويشير التقرير إلى أن الملامح الاقتصادية على المدى القصير تبدو أكثر إشراقاً نتيجة لتعزز الثقة في أعقاب الصفقة التي تم التوصل إليها بين شركة محلية متعثرة ودائنيها من البنوك التجارية المحلية. وقد تفاعل مؤشر الأسهم السعودية «تاسي» بصورة جيدة مع الصفقة ويتوقع أن يترك ارتفاع أسعار الأسهم أثراً إيجابياً في ثقة المستهلكين وتوقعات المستثمرين بشأن عوائد الاستثمارات. إضافة إلى ذلك، فقد أدت الاتفاقية إلى إزالة عقبة كانت تمثل مصدر قلق للبنوك المحلية مما قد يؤدي إلى حفز عمليات الإقراض. لكن ربما يشكل استبعاد الدائنين الخارجيين من تلك الصفقة عقبة في الحفاظ على رغبة المؤسسات المالية الأجنبية في إقراض القطاع الخاص السعودي.
وشرعت الاقتصادات الكبيرة حول العالم في النمو استجابة للحوافز الحكومية غير المسبوقة كما شهدت الأسواق الناشئة بعض الانتعاش، وقد أسهم هذا التحسن في الملامح المستقبلية للاقتصاد في ارتفاع أسعار النفط إلى أكبر من 80 دولاراً للبرميل. أما على مستوى المملكة فقد ظل الإنفاق الحكومي قوياً جداً وبقيت أسعار الفائدة منخفضة إلى حد بعيد، لكن ظل الأداء الاقتصادي متدنياً هذا العام على الرغم من تلك الظروف الداعمة.

ويعزى ذلك التدني في جزء منه إلى الشح في القروض المصرفية، حيث لم تسجل قروض البنوك التجارية إلى القطاع الخاص ارتفاعا إلا في شهرين فقط من الأشهر الثمانية منذ بداية العام وحتى آب (أغسطس). وبالرغم من حدوث تراجع في حجم الإقراض دام ثلاثة أشهر متتالية في مرات سابقة، إلا أن طول مدة التراجع هذه المرة يعتبر استثنائياً. ومن الواضح أن حجم الإقراض تراجع نتيجة لعاملين منفصلين، فبالنسبة للشهور التي أعقبت تعمق الأزمة المالية التي بدأت في أيلول (سبتمبر) 2008 انصب اهتمام البنوك على تدعيم ميزانياتها ونأت بنفسها عن الإقراض ليس فقط إلى شركات القطاع الخاص بل حتى إلى بعضها بعض. وحدث نتيجة ذلك فرق كبير بين سعر الفائدة بين البنوك (السعر الذي تقرض به البنوك بعضها بعضا) وسعر فائدة الشراء العكسي (السعر الذي تدفعه مؤسسة النقد العربي السعودي مقابل ودائع البنوك التجارية لديها)، وقد استقر ذلك الفرق في شباط (فبراير) وتوقعنا حدوث انتعاش في الإقراض خلال الفصل الثاني في حال سارت الأمور كما كانت عليه، لكن فجأة برزت إلى السطح مشكلات تتعلق بتعثر شركتين محليتين ما دفع البنوك إلى تبني سياسة شديدة الحذر تجاه الإقراض إلى القطاع الخاص.
تشير آخر البيانات إلى ارتفاع الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاص بنسبة 1.9 في المائة في آب (أغسطس) مسجلاً أعلى ارتفاع منذ أيلول (سبتمبر) 2008. لكننا لا نعتقد أن تلك الزيادة تشير إلى تحسن عام في عملية الإقراض لأن الجزء الأكبر من تلك القروض الجديدة كان لمشروع واحد (هو محطة كهرباء رابغ المستقلة.

وبينما لم يرتفع إجمالي القروض القائمة إلى القطاع الخاص إلا بمقدار ثمانية مليارات ريال خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، نمت الودائع المصرفية بنحو 53 مليار ريال (تمثل الودائع الحكومية الجديدة نحو 43 مليارا). نتيجة لذلك بلغت نسبة القروض إلى الودائع نحو 80 : 100 خلال الأشهر القليلة الماضية مقارنة بأكثر من نسبة 90 : 100 في أيلول (سبتمبر) 2008. وتحتفظ البنوك حالياً بنحو 67 مليار ريال كودائع لدى مؤسسة النقد العربي السعودي خلاف ودائع الاحتياطي النظامي وذلك عند مستوى سعر فائدة يبلغ 0.25 في المائة، كما ارتفع صافي أصولها الأجنبية بنحو 48 مليار ريال حتى اللحظة الحالية من العام. وعليه، فإن التراجع الذي شهده الإقراض أخيرا على الرغم من هذا الكم الهائل من السيولة هو نتيجة عدم استعداد البنوك للإقراض وليس لعدم مقدرتها عليه.
ويرجح التقرير أن صفقة تسوية الدين الأخيرة ستجعل البنوك أكثر ميلاً إلى الإقراض. وبالرغم من عدم الإعلان عن تفاصيل الاتفاق، لكن من المؤكد أنه في الوقت نفسه الذي أعلنت فيه أخبار الاتفاقية كشفت بيانات تداول تقليص مالك الشركة المتعثرة حصته في أسهم مجموعة سامبا المالية من 7.8 في المائة إلى أقل من 5 في المائة (أي دون مستوى ملكية الأسهم المطلوب الكشف عنه)، بينما رفعت المؤسسة العامة للتقاعد حصتها في سامبا بنسبة 2.6 نقطة مئوية في اليوم نفسه.

وكان للصفقة تأثير إيجابي في توقعات المتداولين في سوق الأسهم بشأن سلامة القطاع المصرفي، حيث قفزت أسهم القطاع المصرفي بنسبة 7.9 في المائة في أول يوم للتداول بعد انطلاق الإشاعات حول إبرام الصفقة (26 سبتمبر) وفاق أداء قطاع البنوك أداء سوق الأسهم ككل بنحو ثلاث نقاط مئوية منذ ذلك التاريخ. كذلك فاق الأداء الكلي لمؤشر الأسهم السعودي «تاسي» أداء كل من الأسواق الناشئة والعالمية خلال الفترة نفسها بعد أن ظل أداؤه متراجعاً عن مستوى تلك الأسواق لشهور عديدة (ارتفع أداء «تاسي» بنسبة 9.5 في المائة مقارنة بارتفاع بلغ 3.4 في المائة لمؤشر اس آند بيه 500 الأمريكي وارتفاع بنسبة 6.6 في المائة لمؤشر مورغان استانلي للأسواق الناشئة).
وتعزز هذا الشعور الإيجابي بالنتائج المشجعة التي حققتها البنوك عموماً خلال الربع الثالث، حيث ارتفعت الأرباح مقارنة بالربع الثالث للعام السابق لدى ستة من البنوك التسعة التي أعلنت نتائجها بالرغم من ارتفاع مخصصات الدين وسجّل مصرفان فقط هما البنك السعودي الهولندي و»ساب» تراجعاً من خانتين في الأرباح. وفي ضوء حقيقة دخول عديد من شركات القطاع الخاص والأفراد في استثمارات ضخمة في سوق الأسهم وكذلك سيطرة المستثمرين الأفراد على عمليات التداول، فمن المؤكد أن ارتفاع أسعار الأسهم سيزيد من مستوى الثقة ويشجّع على مزيد من الإنفاق والاستثمار.
ورغم اعتقادنا بحدوث انتعاش طفيف الآن في عمليات الإقراض من قبل القطاع المصرفي المحلي نرجح أن تظل القروض من المصارف الأجنبية محدودة، فقد أصبحت البنوك الأجنبية أكثر حذراً إزاء مخاطر الإقراض بعد الأزمة المالية العالمية وقللت بصفة عامة من نشاطها في المنطقة. وقد تم استبعاد العديد منها التي كانت قد تأثرت من الاضطرابات التي تعرضت لها شركتان محليتان من صفقة تسوية الديون. ولا شك في أهمية القروض الخارجية للاقتصاد حيث لا تملك البنوك المحلية الأموال الكافية لتمويل العدد الضخم من المشاريع المخطط لها التي يجري تنفيذها في المملكة. وهناك الآن تمييز واضح في أسواق الدين، حيث لا يزال باستطاعة بعض الشركات الممتازة تأمين القروض بكل سهولة، فعلى سبيل المثال حصلت شركة أرامكو وشركة النفط الفرنسية توتال أخيرا على أكثر من 30 خطاب نوايا من البنوك لتمويل بناء مصفاة بتكلفة 12.8 مليار دولار.

شكرا لك

و يعطيك العافية

» مليارا دولار مديونية المؤسسة المصرفية العالمية للبنوك
» معايير شرعية ومحاسبية للقطاع المصرفي الإسلامي
» الصين تفرض على البنوك قواعد بال المصرفية
» أسعار النفط ترتفع الى أعلى مستوى في 12 شهرا فوق 78 دولارا
» أسعار النفط ترتفع الى 68 دولارا