مجلس الغرف: 7 دروس للأزمة و6 أسباب للذعر في الأسواق المالية العالمية
قطاع الأعمال السعودي يتخوف من عودة الجمود الائتماني بسبب أزمة دبي
حبيب الشمري من الرياض
أبدى مجلس الغرف السعودية أمس تخوفاً من العودة للتشدد في منح الائتمان من قبل القطاع المصرفي المحلي للقطاع الخاص بسبب تأثيرات الأزمة المالية التي عصفت بشركات دبي العالمية، معتبرا أن ذلك سيؤثر في مشاريع هذا القطاع الذي استبشر أخيرا ببوادر انفراج هذه المشكلة التي ظهرت خلال 2009.
وقال المجلس في تقرير عن أزمة شركات دبي العالمية وتأثيراتها، إنه يرى أكثر من سبعة دروس وعبر في المشكلة يمكن أن تسهم في تفاديها مستقبلا، في حين حدد ستة أسباب للذعر الذي أصاب بورصات وأسواق العالم والمؤسسات المالية من جراء إعلان تأجيل القروض عن الشركات المتعثرة.
وقال المجلس في التقرير إنه في الوقت الذي أوشك فيه الاقتصاد العالمي أن يخرج من النفق المظلم للأزمة المالية وتداعياتها فاجأت مجموعة دبي العالمية العالم بطلب تأجيل سداد جزء من ديونها لمدة ستة أشهر (حتى 30 مايو 2010م).
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أبدى مجلس الغرف السعودية أمس مخاوف من العودة للتشدد في منح الائتمان من قبل القطاع المصرفي المحلي للقطاع الخاص بسبب تأثيرات الأزمة المالية التي عصفت بشركات دبي العالمية، معتبرا أن ذلك سيؤثر في مشاريع هذا القطاع الذي استبشر أخيرا ببوادر انفراج هذه المشكلة التي ظهرت خلال 2009.
وقال المجلس في تقرير عن أزمة شركات دبي العالمية وتأثيراتها إنه يرى أكثر من سبعة دروس وعبر في المشكلة يمكن أن تسهم في تفاديها مستقبلا، في حين حدد ستة أسباب للذعر الذي أصاب بورصات وأسواق العالم والمؤسسات المالية من جراء إعلان تأجيل القروض عن الشركات المتعثرة.
وقال المجلس في التقرير إنه في الوقت الذي أوشك فيه الاقتصاد العالمي أن يخرج من النفق المظلم للأزمة المالية وتداعياتها فاجأت مجموعة دبي العالمية العالم بطلب تأجيل سداد جزء من ديونها لمدة ستة أشهر (حتى 30 مايو 2010م).
وقد نتج عن ذلك هبوب رياح غير مواتية اجتاحت الأسواق المالية في معظم دول العالم بشكل فوري، حيث تعرضت أسواق عديدة في المنطقة وخارجها إلى خسائر كبيرة، وتكبد عدد غير قليل من المستثمرين خسائر متفاوتة نتيجة موجة الهبوط الحادة في هذه الأسواق، ثم بدأت المخاوف تنتقل إلى أصحاب الرساميل والمشاريع في المنطقة خوفاً من أن تكون هذه التطورات الاقتصادية مقدمة لأزمة مالية خاصة بدول منطقة الخليج كملحق للأزمة المالية العالمية.
وأرجع المجلس الذعر الذي أصاب المستثمرين والأسواق المالية العالمية إلى عدة عوامل ضخمت حجم المشكلة، وبنت توقعات غير حقيقية وسابقة لأوانها، ولذلك فإن هذه التطورات وما أعقبها من تداعيات دولية وإقليمية تطرح حزمة من التساؤلات المهمة التي يمكن للإجابة الموضوعية عنها أن تضع هذه التطورات في سياقها الصحيح وحجمها الحقيقي، بعيداً عن التهويل والتهوين منها لكون كليهما مضر بجميع أطراف السوق في الظروف الراهنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي والاقتصادات الخليجية ومنها اقتصاد المملكة، حيث يتلمس الجميع بوادر عودة الانتعاش الاقتصادي والتعافي من الأزمة العالمية وتداعياتها.. إلى التفاصيل: أسباب للذعر العالميالأسباب التي ساعدت على تضخيم حجم التطورات الاقتصادية الأخيرة في دبي: لقد أسهمت عدة أسباب في إثارة الذعر في أسواق المال العالمية عقب إعلان مجموعة دبي العالمية تأجيل سداد جزء من ديونها، وأهم هذه الأسباب ما يلي:1- اعتقاد الكثيرين بأن ديون مجموعة دبي العالمية مضمونة من حكومة دبي، وأن عجز المجموعة عن سداد جزء من ديونها يعني هبوط الجدارة الائتمانية السيادية لإمارة دبي وربما لأبو ظبي، مما قد يؤثر في جودة إجمالي ديون دبي البالغة نحو 80 مليار دولار. ولكن هذا الاعتقاد تبين أنه غير صحيح بعد أن نفت حكومة دبي ضمانها لديون المجموعة، مؤكدة أنها مجرد مجموعة شركات تم تأسيسها وفقاً لمعايير تجارية.2- اعتقاد البعض أن تعثر مجموعة دبي العالمية ما هو إلا جزء من قمة جبل الثلج، وأن هناك مشكلات مالية مخفية لدى شركات أخرى في دبي .3- ترجيح البعض احتمالات قيام دبي وأبو ظبي ببيع بعض الأصول والممتلكات الثابتة الجيدة حول العالم لسداد هذه الديون، مما جعل البعض يتصور أن ذلك لو حدث سيتسبب في مزيد من الانهيارات في أسعار الأصول والعقارات حول العالم، ولا شك أن هذا الأمر ما زال مستبعداً تماماً حتى الآن .4- أن التوقيت الذي أعلنت فيه الشركة قرار تأجيل سداد ديونها جعل التحليلات تضخم المشكلة، حيث إن ذلك جاء مع إجازة عيد الأضحى في المنطقة ومع عيد الشكر في الدول الغربية، كما أن فشل عقد المؤتمر الذي كان مزمعا تنظيمه مع حملة السندات عبر الهاتف بسبب تعطل خطوط الهاتف أطلق العنان للتخيلات التي أعطت المشكلة حجماً هائلاً.5- عدم مسارعة أبو ظبي بالإعلان عن مساندتها لدبي في هذه المشكلة جعل الكثيرين يروجون لاحتمالات وقوع أبو ظبي في مشكلات مماثلة، وهي توقعات دون سند منطقي، حيث إن أغلب التوقعات ترجح أن أبو ظبي ستتدخل في النهاية بما لديها من أموال ضخمة في صندوقها السيادي، وأن اختيار أبو ظبي لقرار وتوقيت التدخل تحكمه اعتبارات غير اقتصادية. ثانياً: الحقائق التي يجب الانطلاق منها في تحليل التطورات الاقتصادية في دبييجب أن يستند أي تحليل للتطورات الاقتصادية الأخيرة في دبي لعدة حقائق، وذلك حتى يتسم هذا التحليل بالموضوعية والابتعاد عن تضخيم هذه التطورات وإكسابها طابع الأزمة، ومن أهم هذه الحقائق ما يلي :
1- أن ما حدث في دبي من تطورات اقتصادية متمثل في طلب مجموعة دبي العالمية إعادة جدولة ديونها لا يمثل أزمة مالية دولية جديدة، ولا يمثل تعميقا للأزمة الدولية الراهنة التي أوشكت على الانتهاء، وإنما هي تداعيات أو توابع متأخرة لزلزال الأزمة المالية العالمية الذي ضرب العالم عندما انفجرت فقاعة الأصول العالمية منطلقة من قطاع العقارات الأمريكي.
2- أن ما حدث في دبي يمكن تصنيفه في الحقيقة على أنه تعثر شركات في سداد ديونها وليس تعثر دولة، ولا يمكن أن نقارن ذلك بما حدث من تعثر للأرجنتين والبرازيل عن سداد ديونهما، ولذلك فإن مشكلة مجموعة دبي العالمية مشكلة ائتمان فردية مهما قيل عن ضخامة حجم هذه المجموعة وأن ديونها تمثل نسبة كبيرة من إجمالي ديون إمارة دبي ككل. ومن ثم فإنه حتى لو أطلق البعض على هذه المشكلة اسم الأزمة فهي '' أزمة شركات '' وليست '' أزمة اقتصاد دولة ''.
3- أن التضخيم من حجم ديون مجموعة دبي العالمية البالغة 59 مليار دولار هو تضخيم للمشكلة ذاتها، حيث إن هذه المجموعة تضم عددا من الشركات الكبيرة التي تعمل في قطاعات مختلفة ومنها قطاع العقارات السبب الأساسي للمشكلة، ولذلك يجب وضع المشكلة في حجمها الحقيقي وهو تعثر شركة نخيل (الذراع العقارية) لمجموعة دبي العالمية عن سداد جزء من ديونها، أي أن التعثر ليس للمجموعة ككل وإنما لشركة نخيل في الأساس.
4- أن مجموعة دبي العالمية لم تطلب إعادة جدولة كل ديونها البالغة نحو 59 مليار دولار وإنما طلبت جدولة دفعة الديون المستحقة على شركة نخيل البالغة 3,52 مليار دولار والتي تستحق السداد في 14 كانون الأول (ديسمبر)2009م، وهذا المبلغ من الدين ليس ضخماً وليس هناك مشكلة في سداده خاصة أن شركة نخيل فقط لديها أصول تبلغ قيمتها 99 مليار دولار بحسب تقديرات نهاية عام 2008م .
5- إن تعثر شركة نخيل عن سداد جزء من ديونها لم يكن مفاجأة لأغلب البنوك الدائنة لهذه الشركة، ولكن كان هناك توقع من هذه البنوك لهذا الأمر منذ بداية عام 2009م، وقامت أغلب هذه البنوك بتجنيب مخصصات لمواجهة هذه المشكلة .
6- أن تأجيل شركة نخيل إلى دفع جزء من ديونها البالغة 3,52 مليار دولار قد لا يشكل أزمة ولا يعرض البنوك في المنطقة لأزمة مالية جديدة، خاصة إذا ما قورنت بعدد البنوك التي ما زالت تنهار في الولايات المتحدة حتى الآن بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث بلغ عدد البنوك التي أفلست في الولايات المتحدة في عام 2009م فقط 130 بنكاً، منها 24 بنكاً في ولاية جورجيا فقط، وكان أكبر بنك تم إغلاقه في الأسبوع الأول من كانون الأول (ديسمبر) الحالي هو (بنك إيه إم ترست بنك أوف كليفلاند) في ولاية أوهايو وكانت أصوله تبلغ نحو 12 مليار دولار، وودائعه نحو ثمانية مليارات دولار.
ديوان شركة وليست دولةوفي ضوء هذه الحقائق فإن ما حدث في دبي من تطورات اقتصادية أمر عادي يتمثل في طلب شركة وليس دولة إعادة جدولة جزء من ديونها بسبب نقص السيولة لديها، وأنها لم تعلن عدم قدرتها على السداد، وأن هذا لا يمس الجدارة الائتمانية السيادية لإمارة دبي، ومن ثم فإن هذه المشكلة لا تأخذ صفة الأزمة حتى الآن، ولكن تدهور الأوضاع في المستقبل وتحول هذه المشكلة إلى أزمة ذات طابع دولي يتوقف على الثمن الذي ستدفعه دبي للخروج من هذه المشكلة، وعلى الطريق الذي ستسلكه مجموعة دبي العالمية في سداد ديونها، حيث ستكون الأمور خطيرة إذا لجأت الشركة إلى بيع أصولها في الخارج بالأسعار المنخفضة الحالية لسداد ديونها وهو أمر مستبعد تماماً حتى الآن. أما إذا صدقت التوقعات وتدخلت أبو ظبي لمد يد المساعدة لدبي وفق تفاهم بينهما، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، فإن المشكلة ستتلاشى تدريجياً، وستعود الأمور إلى طبيعتها، وهو خيار في صالح الأطراف كافة، وفي صالح الاقتصاد العالمي واقتصادات دول المنطقة.
ثالثاً: أثر التطورات الاقتصادية في دبي في الاقتصاد العالميلقد أثارت التطورات الاقتصادية في دبي تساؤلات بشأن تداعياتها على الاقتصاد العالمي الذي بدأ يظهر علامات انتعاش في الربع الأخير من عام 2009م، وأهم هذه التساؤلات هو: هل هذه التطورات مجرد حالة فردية يتم تضخيمها أم هي بداية لسلسلة من حالات التعثر المالي الجديدة في العالم والمنطقة؟ وهل ستكون هذه المشكلة عبئا جديدا على عاتق الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد أم أن تأثيراتها ستكون محدودة، وما هي هذه التأثيرات؟ومن واقع التطورات الاقتصادية المتلاحقة في الاقتصاد العالمي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية يمكن القول إنه ليس هناك ما يضمن ألا تتكرر حالة مجموعة دبي العالمية في دبي أو في غيرها من دول العالم، وذلك لوجود تبعات متأخرة للأزمة العالمية ما زالت تتوالى، ومنها مشكلة دبي، وحالات الإفلاس المتوالية التي لا تزال تظهر في الجهاز المصرفي حول العالم وخاصة في الولايات المتحدة كما تم الإشارة إلى ذلك فيما سبق.
حجم الانكشاف البنكيأما بخصوص تأثير هذه المشكلة في الاقتصاد العالمي فهو أمر لا يمكن إنكاره في الأجل القصير، وخاصة أن بعض هذه الخسائر مؤكدة ووقع بعضها بالفعل والمتمثلة في خسائر أسواق الأسهم التي تحملها المستثمرون في العالم عندما اضطربت الأسواق كرد فعل لهذه المشكلة.
أيضاً هناك خسائر البنوك الدولية المتورطة في ديون مجموعة دبي العالمية، والتي ستتأثر من إعادة جدولة هذه الديون، وسيختلف هذا الأثر من بنك إلى آخر، وذلك على حسب حجم انكشافه نتيجة تأجيل هذه الديون، وعلى حسب ما رصده من مخصصات لمقابلة مثل هذه الظروف، ولكن في أحسن الأحوال ستتضرر أرباح هذه البنوك أو تتكبد بعض الخسائر.
وحسبما ورد في وسائل الإعلام فإن تعرض البنوك التجارية البريطانية لمشكلة دبي المالية كان كبيراً، وقد شهدت أسعار أسهم البنوك البريطانية هبوطاً شديداً عقب ظهور هذه المشكلة، غير أن رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون خفف من خطورة مشكلة دبي المالية، معتبراً أنها مجرد انتكاسة صغيرة لن تصل إلى درجة الأزمة المالية التي ضربت العالم بأسره خلال العام الماضي. وأكد براون في تصريحه عقب إعلان دبي عن تأجيل سداد بعض ديونها على أن ''النظام المالي العالمي أصبح أقوى في الوقت الحالي وقادر على معالجة مشكلات مثل مشكلة ديون دبي ''.
طرق المعالجةأما في الأجل الطويل فإن أثر هذه المشكلة في الاقتصاد العالمي يتوقف على طريقة معالجة هذه الديون، وتأثيرها في تطور المشكلة، فالمشكلة ستكون مرشحة للتفاقم خاصة إذا تم اللجوء إلى بيع أصول مملوكة لمجموعة دبي العالمية أو لإمارة دبي ذاتها في الخارج على نطاق واسع للتخلص من هذه الديون، حيث إن ذلك من شأنه أن يفاقم المشكلة ويدخلها في نطاق الأزمة العالمية، خاصة إذا نتج عن هذا الخيار في التعامل مع المشكلة مزيداً من هبوط أسعار الأصول والعقارات حول العالم، وصاحبه تأجيل لسداد ديون سيادية في المنطقة أو في دول أخرى من العالم على نطاق أوسع . وهذا أمر غير مستبعد تماماً خاصة في ظل أرقام تشير إلى أن حجم الديون الخارجية لإمارة دبي يعادل نحو 103 في المائة من قيمة ناتجها المحلي الإجمالي.
تدخل أبو ظبيأما في حالة تدخل أبو ظبي لدعم موقف دبي وتعويم مجموعة دبي العالمية، ووضع خطة مقنعة للأسواق المالية لإعادة جدولة ديون المجموعة وديون الإمارة ككل لأنها تتجاوز النسب الدولية الآمنة المتعارف عليها، فإن المشكلة ستتلاشى تدريجياً، وفي ضوء ذلك قد يقتصر تأثير ما حدث في دبي على مجال التجارة في إمارة دبي في الأساس، مع بعض الضرر المؤقت للجهات المتورطة في ديون مع مجموعة دبي العالمية، وتأثر للمصدرين للإمارة خاصة مصدري المواد والخدمات المرتبطة بصناعة العقار، وذلك مع توقع مرور بعض الوقت حتى تعود ثقة المستثمرين بالأوضاع الاقتصادية لدبي إلى سابق عهدها.
تأخر الانتعاشأما عن احتمال تأثير ما حدث في دبي على تأخير انتعاش وتعافي الاقتصاد العالمي فهو أمر مرجح، وذلك لعدة أسباب أهمها أن هذه المشكلة أدت إلى انخفاض أسعار بعض الأصول وخاصة العقارات، وأنها أفقدت الأسواق العالمية جزءا من النشاط والحرارة التي اكتسبتها خلال عام 2009م. كما أن هذه المشكلة ستحدث تأثيرات في أسواق الاستثمار العالمية، حيث أنها ستكون بمثابة حافز لاستمرار تطبيق السياسات الاقتصادية التحفيزية خلال عام 2010م، حتى تتمكن المحفزات الرئيسية المتمثلة في انخفاض أسعار الفائدة العالمية وكفاية السيولة ظروفاً جيدة لتأكيد الخروج من الأزمة العالمية وكبح الانكماش الاقتصادي.
سلوك المؤسسات المالية
في المقابل من المؤكد أن ما حدث في دبي سيؤثر في سلوك كثير من المؤسسات المالية حول العالم،