جدل ساخن حول مشروع الوحدة النقدية

السلطان: دول التعاون تفتقر لأبسط المعايير الصحيحة لقيام عملة موحدة

جدل ساخن حول مشروع الوحدة النقدية في ملتقى التكامل الخليجي في الرياض

الرياض - فيصل العبدالكريم:
تسبب نقاش اقتصادي ساخن طرح في جلسات ندوة التكامل الاقتصادي الخليجي المنعقد حالياً في الرياض، في إثارة مزيد من الجدل لمشروع الوحدة النقدية الخليجية، بعد أن طرح أحد أبرز المشاركين في الندوة ورقة عمل تؤكد على أن المعايير الصحيحة لقيام اتحاد نقدي خليجي لا تنطبق على دول التعاون.
لكنّ ورقة العمل هذه التي أحدثت جدلاً واسعاً في أوساط المشاركين بين مؤيد ومعارض، لم ترق للدكتور سالم القظيع رئيس وحدة الاتحاد النقدي في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الذي شدد على أن الاتحاد النقدي ليس مشروعاً لحظيا يقوم على تحقيق بعض المكاسب الوقتية، إنما يرتكز على مكاسب استراتيجية سياسية واقتصادية.
وقال القظيع :" وفق المقايسس الفنية فإن دول الخليج لديها القدرة لتأسيس اتحاد نقدي خليجي ناجح فيما بينها ، خاصة وأن الفكرة ليست وليدة اللحظة وإنما كانت ضمن أسس قيام المجلس وأحد أضلاع "مظلة التكامل بين دول المجلس" من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان الدكتور عبدالرحمن بن محمد السلطان قد طرح ورقة العمل المثيرة للجدل وقدمها في الجلسة الثانية من ندوة التكامل الاقتصادي الخليجي بين الواقع والمأمول التي تنظمها جمعية الاقتصاد السعودية ، وتمحورت حول الوحدة النقدية لدول مجلس التعاون وأسعار الصرف والسياسات النقدية وترأسها الدكتور ناصر القعود نائب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بمجلس التعاون.
وأكد الدكتور السلطان أن دول الخليج لا تنطبق عليها المعايير المثلى لقيام إتحاد نقدي خليجي موحد خاصة وأن دول المنطقة تعتمد على بشكل كبير على منتج وحيد وهو النفط وإقتصادياتها قائمة عليه وتتأثر بشكل مباشر بالتطورات التي تشهدها أسواق النفط العالمية.
وقال :" أن أصدار دول الخليج لعملة موحدة خطوة ليست مهمة ولا تؤثر كثيرا في مسيرة التكامل الخليجي ومختلفة جذريا عن خطوات التكامل الاقتصادي السابقة كون تكاليفها تفوق كثيرا منافعها على أعتبار ان دول مجلس التعاون لا تمثل منطقة عملة مثلى , مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الاتحاد النقدي الخليجي لا يحتاج بالضروروة إلى اصدار عملة موحدة ، وأنه من الممكن ان يقوم هذا الاتحاد باتفاق دول المجلس على مثبت مشترك بأسعار صرف متعذر تغييرها وأن يكون لعملاتها الوطنية حرية التحويل والحركة والتداول دون قيد أو شرط ودون تكاليف إضافية.
وأضاف السلطان في ختام ورقة العمل :" كل ماتحتاجه دول المجلس للوصول الى ذلك هو تثبيت أسعار صرف عملاتها أمام الدولار وسلة عملات مع التزامها بألا تقوم بتغيير سعر صرف عملاتها ما يعني بأن دول المجلس كانت تتمتع بإتحاد نقدي خليجي موحد فعلي حتى شهر مايو 2007 حين قامت الكويت بإعادة ربط الدينار بسلة عملات بدلا من الدولار , ويمكن أن يعود هذا الاتحاد من جديد من خلال اتفاق دول المجلس على على مثبت مشترك.
وتابع السلطان :" إن عدم اكتفاء دول المجلس بهذا الخيار العملي سهل التطبيق والاكثر مناسبة لواقعها الاقتصادي وتبنيها للخيار الاصعب الذي قد يتعذر تنفيذه ، قد يتسبب في إضعاف اقتصاديات دول المجلس وهذا امر غير مبرر خاصة في ظل غياب المنافع الاقتصادية منها في منطقة تفتقر لأبسط المعايير المثلى لقيام عملة موحدة".
وهنا ، ردّ الدكتور سالم القظيع رئيس وحدة الاتحاد النقدي بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون بالقول :" أن الاتحاد النقدي ليس مشروعا لحظيا يقوم على تحقيق بعض المكاسب الوقتية إنما يرتكز على مكاسب استراتيجية سياسية واقتصادية , ووفق المقايسس الفنية تعد دول الخليج مرشحا جيدا لتأسيس اتحاد نقدي خليجي ناجح فيما بينها خاصة وأن الفكرة ليست وليدة اللحظة وإنما كانت ضمن أسس قيام المجلس وأحد أضلاع "مظلة التكامل بين دول المجلس" من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف :" نرى أنها حاجة ملحة لتتويج التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وإستيفاء اشتراطات المواطنة الخليجية , خاصة وان له منافع إستراتيجية متوقعة على المدى الطويل وسيزيد من كفاءة السياسات الاقتصادية وتعزيز الحضور الاقتصادي لدول المجلس وتطوير البناء المؤسساتي ويحسن من التبادل التجاري".
وأكد القضيع ان إشتراطات الاتحاد النقدي تتمثل في الارادة السياسية والتنازلات السيادية التي تقدمها دول المجلس ومن ثم الالتزام بالتشريعات اللازمة للاتحاد النقدي وديمومة الارادة السياسية , مستعرضا تاريخ المجلس اقتصاديا وصولا إلى مرحلة التكامل الاقتصادي.
وقدم علي الريشان من مؤسسة النقد العربي السعودي ورقة عمل تناول فيها معايير التقارب الاقتصادي من النواحي الاقتصادية كالتضخم والفائدة والاحتياط النقدي الأجنبي ونسب العجز والدين العام.
كما أكد الدكتور زايري بن الشيخ أستاذ الاقتصاد في جامعة وهران بالجزائر أن منطقة الخليج بحاجة لمرونة أكبر في أسعار الصرف الحقيقة والأسمية عوضا عن ترتيبات ربط لا تستند لمعايير سليمة اقتصاديا وماليا خاصة وأن المنطقة تتعرض لصدمات حقيقة – على حد تعبيره – بسبب تذبذب أسعار النفط في ورقة عمل عن مخاطر ومكاسب فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار, مطالبا دول الخليج بتعزيز استقلالية البنوك المركزية من خلال قوانين جديدة واصلاحات مؤسساتية ,وإعطاء أولوية لتطوير الأسواق المالية.
كما قدم الدكتور فابيو اسكشافيلاني من مركز دبي المالي العالمي ورقة عمل عن نظام سعر الصرف في الاتحاد النقدي الخليجي أكد من خلالها أن دول الخليج ستصل خلال الفترة المقبلة لمفترق طرق في تاريخها الاقتصادي والمالي مع إنجازها للاتحاد النقدي والمصرف الخليجي المركزي والعملة الخليجية الموحدة وستحتاج لنظام ثابت أو مرن لأسعار صرف العملات ووضع دستور مالي يحكم خيارات أصحاب القرار .

شكرا لك

بارك الله فيك